Islamic Calligraphy

نظرية الجوهر الفرد:

مفهوم الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي للزمن والخلق في ستة أيّام

دراسة وتأليف: د. محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع باللغة الإنكليزية مخصص للدراسات حول نظرية الجوهر الفرد وازدواجية الزمان

الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية

أصل الزّمن


إذا لم يكن بإمكاننا السؤال عن بداية العالَم في الزّمن، فهل نستطيع أن نسأل عن بداية الزّمن في العالَم؛ فكما أشار ابن العربي نحن لا نستطيعُ أن نسأل متى بدأ العالَم لأن الكلمة "متى" تتطلّبُ أن يكون الزّمن مُعرّفاً مسبقاً ! وبنفس الطريقة لا يمكننا أيضاً أن نسأل متى بدأ الزّمن، لأنّ الزّمن والعالَم مترافقان في الوجود، ولكن يمكننا أن نتساءل كيف بدأ الزّمن، أو ما هو مصدَر شعورنا به، كونه أوّلاً وأخيراً أمراً وهمياً.

ردّاً على هذا السؤال الكوني يعدّ ابن العربي كلا نوعي الزّمن الطبيعي وفوق الطبيعي يصدران عن النفس الكلية التي تتصف بالقوّتين العلميّة والعمليّة كما ذكرنا في الفصل الأوّل. إنّ القوة العملية مسؤولة عن حركة الأجسام[134] بينما القوة العلمية مسؤولة عن الإدراك والمعرفة أو تغيّر الحالة الروحانية. وبالتالي، كما يقول ابن العربي، فإنّ الزّمن الطبيعي ينشأ من القوة العملية للنفس الكلّيّة، بينما ينشأُ الزّمن الروحاني من قوتها العلمية.

من ناحية أخرى، بما أن الزّمن الطبيعي مقياس للحركة المادية في الطبيعة، فلذلك يكون منشؤه من الفلك الأطلس الذي هو الفلك المادي الأوّل في العالَم وما فوقه فقط أفلاك روحانية. فعندما خلق الله تعالى هذا الفلك الأطلس وبدأ بالحركة، عرّفت حركتُه الزّمن الطبيعي؛ فكانت دورته الكاملة هي اليوم الأوّل في العالَم، وهذا اليوم يكافئ اليوم المعتاد كما سنرى.

ولكنّ هذا الفلك السماوي متماثل الجهات، فلا نستطيع تحديد الزّمن من خلال حركته لوحده، لأنّه لا توجد فيه أيّ إشارة نقارن الحركة بها. فعندما خلق الله الفلك الثاني في جوف هذا الفلك الأطلس وهو فلك البروج الذي يتضمّنُ النجوم البعيدة (المجرّات) التي تدعى مجازاً بالنجوم الثابتة،[135] أظهرت الحركة الظاهرية لتلك النجوم في هذا الفلك اليومَ الذي هو دورة كاملة له، وهذا هو معنى قول الشيخ محي الدين ابن العربي في كتاب أيّام الشأن إنّ الله عندما خلق الأفلاك وجعلها تتحرّك خلق اليوم في الفلك الأوّل (الذي هو الفلك الأطلس) ثم عرّفه في الفلك الثاني (الذي هو فلك البروج).[136]

وهنا يكمن السبب الرئيسي أننا لا نستطيع في الحقيقة معرفة مقدار اليوم، على الرغم من أننا نقيسه ونعتبره مساوٍ لأربع وعشرين ساعة ولكن ذلك مجرّد اصطلاح؛ فهذا اليوم الذي هو دورة الفلك الأطلس قد تحدَّد من الأعلى ولا نستطيع أن نقيس شيئاً بأجزائه، وإنما نقيس بقية الدورات الفلكية به. فيقول ابن العربي إنّ الله جعل هذا الفلك أطلس لا كوكب فيه فهو متماثل الأجزاء ومستدير الشكل لا تُعرف لحركته بداية ولا نهاية وما له طرف، وبوجوده حدثت الأيّام السبعة والشهور والسنون ولكن ما تعينت هذه الأزمنة فيه إلا بعدما خلق الله في جوفه من العلامات التي ميّزت هذه الأزمنة،[137] وما عيّن منها هذا الفلك سوى يوماً واحداً وهي دورة واحدة عيّنها مكان القَدَم[138] من الكرسي فتعيّنت من أعلى، فذلك القدْر يُسمّى يوماً، وما عَرف هذا اليوم إلا اللهُ تعالى لتماثل أجزاء هذا الفلك. فكان أوّل ابتداء حركة هذا الفلك حينما كانت أوّل درجة من برج الجوزاء تقابل هذا القَدَم فظهر أوّل يومٍ في العالَم وهو يومُ الأحد، ثم تتالت الحركات حتى أكملت بقيّة الأيّام السبعة ثم عادت من جديد وهكذا إلى ما لا نهاية له.[139] وسوف نعود لكيفية نشأة بقيّة أيّام الأسبوع في الفصل الثالث حينما نتكلم عن أصل الأسبوع وأهميته.


[134] يستعمل ابن العربي مثل هذا التعبير لوصف القوة العمليّة للنفس لأنّه يعدّ العالَم إنساناً كبيراً (الفتوحات المكيّة: ج3ص11س19)، حيث إنّ كلّ الحركات الطبيعية في العالَم ناتجة عن هذه القوة العمليّة للنفس الكلّيّة.

[135] كما نوّهنا من قبل في الفصل الأوّل أنّ العديد من العلماء والفلكيين بما فيهم آينشتاين كانوا يعتقدون حتى بعد العقود الأولى من لقرن التاسع عشر أنّ النجوم وراء المجموعة الشمسيّة ثابتة، وذلك متابعة لرأي أرسطو. في حين أنّ ابن العربي رفض ذلك بشكل واضح وأعطى تفسيرات جيدة لماذا نحن لا ندرك حركة النجوم (الفتوحات المكية: ج2ص441س33)، وكذلك أعطى قيماً دقيقة جدّاً لسرعة النجوم مستعملاً نفس وحدات القياس المتّبعة حالياً (الفتوحات المكية: ج1ص141س17، ج3ص549س3) وهذه القيم تتّفق إلى حدّ بعيد مع أحدث القياسات التي أجريت عن طريق المراصد والمركبات الفضائيّة.

[136] انظر في كتاب أيّام الشأن: ص6.

[137] وهذه العلامات هي البروج في الفلك الأقصى ومن بعدها النجوم في الفلك المكوكب ثم الكواكب السبعة السيّارة والتي لولاها ما أدركنا حركة الفلك الأطلس. فنحن كلنا نرى الأجسام الفضائيّة (مثل الشمس والقمر والكواكب والنجوم) في السماء تدور كلّ يوم حول الأرض، ولكن هذه في الحقيقة ليست حركة حقيقيّة وإنّما هي ناتجة عن دوران الأرض حول محورها. فإذا افترضنا أنّ السماء فارغة فإنّنا لن ندرك حركة الأرض هذه رغم وجود الفلك الأطلس ولكنّه ليس فيه أيّ إشارة نقيس الحركة بالنسبة لها.

[138] استناداً على الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أنّه قال إنّ الكرسي موضع القدمين (كنـز العمال: حديث رقم 1683)، يصرّح ابن العربي أنّ "القدم" هي "الثبوت" و"القدمان" اللتان تنسبان للرحمن هما قدم الجبر وقدم الاختيار (الفتوحات المكيّة: ج3ص432س23. ثمّ يوضّح ابن العربي أنّ كلمة الله في العرش واحدة كلّها رحمة لكنّها في الكرسي تنقسم (الفتوحات المكيّة: ج2ص438س27) إلى رحمة خالصة ورحمة مشوبة بعذاب، وسبب ذلك يعود إلى الجبر والاختيار أو عالَم الأمر وعالَم الخلق الذي منه تنشأ الجنَّة والنَّار (الفتوحات المكيّة: ج4ص274س25). ثمّ يربط ابن العربي أيضاً بين هذا الانقسام وانقسام اليوم إلى نهار وليل، حيث يقول أنّ ذلك الأمر فوق الكرسي كلّه يوم ولكنّه تحت الكرسي ينقسم إلى نهار وليل (الفتوحات المكيّة: ج3ص202س31)، كما سنبحث هذا الأمر في آخر هذا الفصل أدناه.

[139] الفتوحات المكية: ج2ص437س34.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب


Other Pages Related to Search Keywords:

  • ... Single Monad Model =>:

  • ... 3ص202س31)، كما سنبحث هذا الأمر في آخر هذا الفصل أدناه. [139] الفتوحات المكية: ج2ص437س34.     البحث في نص الكتاب ...


  • ... Duality Of Time =>:

  • ... 3ص202س31)، كما سنبحث هذا الأمر في آخر هذا الفصل أدناه. [139] الفتوحات المكية: ج2ص437س34.     البحث في نص الكتاب ...


  • ... Ultimate Symmetry =>:

  • ... 3ص202س31)، كما سنبحث هذا الأمر في آخر هذا الفصل أدناه. [139] الفتوحات المكية: ج2ص437س34.     البحث في نص الكتاب ...


  • ... Cosmology =>:

  • ... 3ص202س31)، كما سنبحث هذا الأمر في آخر هذا الفصل أدناه. [139] الفتوحات المكية: ج2ص437س34.     البحث في نص الكتاب ...


  • ... Space-time =>:

  • ... 3ص202س31)، كما سنبحث هذا الأمر في آخر هذا الفصل أدناه. [139] الفتوحات المكية: ج2ص437س34.     البحث في نص الكتاب ...


  • ... Spacetime =>:

  • ... 3ص202س31)، كما سنبحث هذا الأمر في آخر هذا الفصل أدناه. [139] الفتوحات المكية: ج2ص437س34.     البحث في نص الكتاب ...


  • ... Speed Of Light =>:

  • ... 3ص202س31)، كما سنبحث هذا الأمر في آخر هذا الفصل أدناه. [139] الفتوحات المكية: ج2ص437س34.     البحث في نص الكتاب ...


  • ... Supersymmetry =>:

  • ... 3ص202س31)، كما سنبحث هذا الأمر في آخر هذا الفصل أدناه. [139] الفتوحات المكية: ج2ص437س34.     البحث في نص الكتاب ...


  • ... Islamic Cosmology =>:

  • ... 3ص202س31)، كما سنبحث هذا الأمر في آخر هذا الفصل أدناه. [139] الفتوحات المكية: ج2ص437س34.     البحث في نص الكتاب ...


  • ... Ibn Al-arabi =>:

  • ... 3ص202س31)، كما سنبحث هذا الأمر في آخر هذا الفصل أدناه. [139] الفتوحات المكية: ج2ص437س34.     البحث في نص الكتاب ...


  • ... Mohamed Haj Yousef =>:

  • ... 3ص202س31)، كما سنبحث هذا الأمر في آخر هذا الفصل أدناه. [139] الفتوحات المكية: ج2ص437س34.     البحث في نص الكتاب ...


  • ... Complex Time =>:

  • ... 3ص202س31)، كما سنبحث هذا الأمر في آخر هذا الفصل أدناه. [139] الفتوحات المكية: ج2ص437س34.     البحث في نص الكتاب ...


  • ... Imaginary Time =>:

  • ... 3ص202س31)، كما سنبحث هذا الأمر في آخر هذا الفصل أدناه. [139] الفتوحات المكية: ج2ص437س34.     البحث في نص الكتاب ...


Welcome to the Single Monad Model of the Cosmos and Duality of Time Theory
Forgot Password? - [Register]

Message from the Author:

I have no doubt that this is the most significant discovery in the history of mathematics, physics and philosophy, ever!

By revealing the mystery of the connection between discreteness and contintuity, this novel understanding of the complex (time-time) geometry, will cause a paradigm shift in our knowledge of the fundamental nature of the cosmos and its corporeal and incorporeal structures.

Enjoy reading...

Mohamed Haj Yousef


Check this detailed video presentation on "Deriving the Principles of Special, General and Quantum Relativity Based on the Single Monad Model Cosmos and Duality of Time Theory".

Download the Book "DOT: The Duality of Time Postulate and Its Consequences on General Relativity and Quantum Mechanics" or: READ ONLINE .....>>>>



Subsribe to Newsletter:


As a result of the original divine manifestation, all kinds of motions are driven by Love and Passion. Who could possibly not instantly fall in love with this perfect and most beautiful harmony! Beauty is desirable for its own essence, and if the Exalted (Real) did not manifest in the form of beauty, the World would not have appeared out into existence.
paraphrased from: Ibn al-Arabi [The Meccan Revelations: II.677.12 - trsn. Mohamed Haj Yousef]
quote