Islamic Calligraphy

نظرية الجوهر الفرد:

مفهوم الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي للزمن والخلق في ستة أيّام

دراسة وتأليف: د. محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع باللغة الإنكليزية مخصص للدراسات حول نظرية الجوهر الفرد وازدواجية الزمان

الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية

خلاصة رؤية ابن العربي لبنية العالَم


لم يكن ابن العربي عالِماً بالأرصاد وما كان أبداً مهتمّاً بعلم الكون والفلك كعلمٍ بحدّ ذاته، ولكنّه كما هو حال كلّ صوفيّ يهتمُّ بالعالَم من أجل زيادة معرفته بالله تعالى الذي خلقه، وبالتالي يحاول فهم الإشارات الباطنيّة والرمزيّة الكونيّة في القرآن الكريم وفي العديد من الأحاديث النبوية والآيات التي تتحدّثُ عن الكواكب وحركتها. فعِلم الكون في الحقيقة ما هو إلاّ مطيّة لزيادة المعرفة بالله تعالى وأسمائه الحسنى، وذلك من قوله تعالى في سورة فصّلت: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)﴾.

والشيخُ الأكبر محي الدين ابن العربي هو محمدُ بن عليّ بن محمد بن أحمد بن عبد الله الحاتمي الطائي من ولد عبد الله بن حاتم أخي الصحابي الجليل عديّ بن حاتم، وُلد ليلة الاثنين في السابع عشر من شهر رمضان سنة 560 للهجرة (26 تموز 1165 ميلادية) في مدينة مُرسِية شرقيّ الأندلس، ثم انتقل إلى إشبيلية سنة 568/1172 فأقام بها حوالي عشرين عاماً ذهب خلالها إلى المغرب وتونس عدة مرات، وأقام هناك لفترات متقطعة ثم ارتحل إلى المشرق للحج سنة 598/1201 ولم يعد بعدها إلى الأندلس. وفي المشرق أقام في مصر مدة وجيزة ثم دخل مكة وعكف على العبادة والتدريس في المسجد الحرام حيث أفاض الله عليه أسراراً وعلوماً شريفةً أودعها في كتابه المعروف بالفتوحات المكية. ثم رحل إلى العراق فدخل بغداد والموصل واجتمع برجالها ثم طاف في بلاد الروم فسكن فيها مدة بعد ذلك قام برحلات عديدة بين العراق ومصر وسورية وفلسطين حتى استقر في دمشق سنة 620/1223 إلى أن وافته المنيّة ليلة الثاني والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة 638 للهجرة (9/11/1240 م) ودفن بسفح جبل قاسيون وتُسمّى الآن المنطقة التي فيها ضريحه باسمه (الشيخ محي الدين) حيث يوجد قبره في طرف المسجد الذي بناه السلطان سليم حين فتح دمشق سنة 922/1516. وخلّف رحمه الله ولدان هما سعد الدين محمد وعماد الدين أبو عبد الله محمد.

برع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي في علم التصوف وكتب فيه المئات من الكتب والرسائل زاد عددها عن خمسمائة كتاب على حدّ قول عبد الرحمن جامي صاحب كتاب "نفحات الأنس".

أحد هذه المؤلفات وأهمها هو كتاب "الفتوحات المكية" والذي هو بحق أهم مؤلَّف في التاريخ الإسلامي بل من أهم الكتب في تاريخ البشرية. ومن مؤلفاته أيضاً كتاب "تفسير القرآن" الذي يقول فيه صاحب كتاب فوات الوفيات أنه يبلغ خمساً وتسعين مجلداً وربما هذا هو كتاب التفسير الكبير الذي بلغ فيه إلى سورة الكهف عند الآية: ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65)﴾، ثم توفي قبل أن يتمّه.

وله أيضاً: "فصوصُ الحِكَم" الذي يقول في مقدمته أنه رأى الرسول محمّدا صلّى الله عليه وسلّم في المنام وأعطاه كتابا وقال له: أخرجه للناس ينتفعون به، فأخرجه كما هو من غير زيادة ولا نقصان. وله أيضاً من الكتب: "محاضرة الأبرار"، "إنشاء الدوائر"، "عقلة المستوفز"، "عنقاء مغرب في صفة ختم الأولياء وشمس المغرب"، "ترجمان الأشواق"، "التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية"، "مواقع النجوم ومطالع أهلّة أسرار العلوم"، "الجمع والتفصيل في حقائق التنزيل"، "الجُذوة المقتبسة والخطرة المختلسة"، "كشف المعنى في تفسير الأسماء الحسنى"، "المعارف الإلهية"، "الإسرا إلى المقام الأسرى"، "مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية"، "الفتوحات المدنية"، "الأحاديث القدسية"، وغيرها الكثير من الرسائل الصغيرة.[23]

ففي الحقيقة، فيما عدا بضع رسائل قصيرة، لم يتحدّث ابن العربي عن علم الكون بشكل مخصّص سوى بعض المواضيع المحدّدة ممزوجة بالفلسفة والعلوم الإلهية، فابن العربي لم يُكرّس أيّ كتاب خاصّ في وصف السماوات وبنيتها مثلاً، على الأقل من بين كتبه المعروفة. على الرغم من ذلك، ففي موسوعته الصوفيّة الفتوحات المكيّة على سبيل المثال، نجدُ العديد من الفقرات التي يمكن أن تُستعمل لفهم وجهة نظره العميقة للكون ونشأته وعلاقته بالخالق سبحانه. فرغم أنه لم يخصص لها دراسة مفصلة، فمن غير شكّ أن رؤية ابن العربي للكون فيها من الدقّة والموضوعيّة ما يفوق في كثيرٍ من الجوانب الرؤية الحديثة التي نتجت بعد الكثير من الجهد والتجارب المكلفة والأرصاد الطويلة. فابن العربي مثلاً أعلن بوضوح منذ أكثر من سبعة قرون قبل أن يُعرف ذلك علمياً أن النجوم لا يمكن أن تكون ثابتة، وأعطى أرقاماً لمقدار سرعتها الفعليّة، فقال إنّ أسرع نجم فيها يقطع الدرجة الواحدة من الفلك كل مئة سنة مما يعني أنه يدور الفلك كلّه كلّ 36 ألف سنة،[24] وذلك لم يُعرف إلا منذ عدة عقود والأرقام تتوافق إلى حدّ بعيد مع أحدث القياسات حتى إنّه استعمل بالتحديد نفس وحدة القياس المستعملة الآن لذلك في وقت لم تكن فيه مثل هذه القياسات ممكنة.

وابن العربي أيضاً شرح الحركة الرجعية[25] الملحوظة لبعض الكواكب وشرح كيفيّة تشكيل الكواكب في النظام الشمسي بطريقةٍ مماثلة إلى ما هو مقبول الآن على نطاق واسع.[26]

ولكنّ الأمر الأكثر أهميةً بهذا الخصوص، كما سنُوضّحُ مع نهاية هذا الفصل، أنّ رؤية ابن العربي للعالم هي أنه يعدّ الشمس مركزاً للمجموعة المحلية (السموات) وذلك قبل كوبرنيكوس بمئات السنين وعلى نحوٍ أعمّ وأشمل يتعدى حدود نطاق المجموعة الشمسية، وقد أكّد أيضاً بشكل واضحٍ بأنّ الأرض كروية وأنها تتحرك بشكلٍ دائريّ وحول مركزها وشرح سبب عدم إدراكنا لذلك.[27]

لقد قام بعض الباحثين بدراسة رؤية ابن العربي للعالَم والخلق والتي ذكرها بشكل خاص في الباب 371 من الفتوحات المكية وكذلك في الباب الطويل المفصّل 198، بالإضافة إلى الكتب الأخرى مثل إنشاء الدوائر وعقلة المستوفز وغيرها. وقد كرّس وليام جيتيك جزءً كبيراً من كتابه (التجلي الذاتي لله: مبادئ علم الكون عند ابن العربي)[28] بالإضافة إلى بعض فصول من كتبه الأخرى، مثل كتاب (الطريق الصوفي إلى المعرفة: ميتافيزيقا الخيال عند ابن العربي).[29] وكذلك خصّص هنري كوربان بعض فصول كتابه (وحيد مع الوحيد: الخيال الخلاّق في تصوّف ابن عربي).[30] وهنا أُريدُ إعطاء خلاصة قصيرة جدّاً عن رؤية ابن العربي للكون بطريقة وصفيّة من غير تحليل وتفسير قد يطول لكي نستطيع فيما تبقّى من الكتاب أن نُركّز على الموضوع الأساسي وهو مفهوم الشيخ محي الدين للزمن، ومعظم ما سأكتبه في هذه الفقرة ملخّص من الباب 198 والباب 371 من الفتوحات المكية.[31]

إنّ العالَم عند ابن العربي يشملُ العالَم المادّي والعالَم الروحاني أو المُجرّد، ولا نستطيع فصل هذين الطورين من الوجود عن بعضهما كما يحدث في الفيزياء وعلم الفلك. يقول الشيخ محي الدين أنّ السبب الرئيسي لخلق الكون هو "الحُبُّ"، وذلك اعتماداً علىالحديث القدسي المشهور عند الصوفية، حيث يقول الله تعالى: "كنت كنزاً لا أُعرف، فأحببت أن أُعرف، فخلقتُ الخلقَ وتعرّفتُ إليهم فبي عرفوني".[32] فالله سبحانه "أحَبَّ" أن يُعرف لكي يمنح الخلق السعادة بمعرفته، فهذا الحبّ من الله تعالى هو رحمة منه أراد أن يمنحها إلى كُلّ مخلوقاته، على درجات مختلفة. هذه الرحمة كانت هي التجلي الأوّل لله تعالى فيما يتعلّق بالعالَم الذي سيخلقُه، ولذلك شكّلت هذه الرحمة المكان المُجرّد الذي ستظهر فيها المخلوقات. ولقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك في الحديث عندما سئل: "أين كان ربنا قبل أن يخلق الخلق" فقال: "كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء".[33] ولذلك يسمي ابن العربي هذا المكان المجرد الذي سيظهر فيه الخلق بالعماء وهو يحمل نفس معنى حالة عدم التعيين (chaos) التي أشرنا إليها في مقدمة هذا الفصل.

ثم يقول الشيخ محي الدين إنّ حقيقة هذا العماء قبلت أشكال الأرواح المهيَّمة التي خلقها الله تعالى بشكل مباشِر بدون أيّ وسطاء أو أسباب، وبسبب هذا الخلق المباشِر لهذه الأرواح الملائكية هامت في الله تعالى بحيث لا تعرفُ شيئاً سواه، فهم لا يَعرفون حتى أنفسهم (أي ليس عندهُم وعيٌ ذاتي).

ثم أيَّه (أي عيّن أو خصّص) اللهُ أحد هذه الأرواح ومنحه تجلّياً علميّاً خاصّاً من المعرفة القدسية أدّى إلى انتقاش ما يريد الله أن يخلقه في العالَم إلى يوم القيامة. فأدرك هذا الروح نفسه وأدرك الأرواح المهيَّمة الأخرى في حين أنها لا تعرف شيئاً عن ذلك.

وبما أنّ هذا الروح عَقَلَ عن الله تعالى ما يريد منه فلذلك سمّي العقل الأوّل، ولما بدأ بإظهار ما أراد الله منه سمّي القَلَمَ الأعلى أو القَلَمَ الأوّل لأنه يفعل ذلك بالكتابة بطريقة تشبه تماماً الكتابة العادية حقيقةً لا مجازاً كما سنشرح ذلك لاحقاً في الفصل السادس والسابع. وله أيضاً أسماءٌ أخرى هي في الحقيقة صفاتٌ له حسب ما يقوم به من أفعال وحسب دوره في عملية الخلق، وقد ورد العديد من هذه الأسماء في الحديث الشريف في الإشارات إلى بدء الخلق رغم أنّ بعضها ضعيف أو غير ثابت. فمثلاً يقول رسول الله عليه الصلاة والسلام: "إِنّ أَوّلَ مَا خَلَقَ الله القَلَمَ، فقال: اكتُبْ. قال: مَا أَكتُبُ ؟ قال: اكتُبْ القَدَرَ مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى الأَبَدِ".[34]

والشكل التالي يوضح مقامات الملائكة المهيَّمة والعقل الأوّل مع النفس الكلية كما ذكرنا أعلاه، بالإضافة إلى مرتبة الطبيعة والهيولى الكلّ كما سنذكرها بعد قليل أدناه.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ مرتبة الطبيعة هنا في الحقيقة ليس لها وجود عينيّ وليست هي الطبيعة ولكنّها مرتبة العناصر الأساسية الأربعة فيها وهي الحرارة واليبوسة والبرودة والرطوبة، وإن كانت لم توجد بعد. فيقول ابن العربي إنّ الخالق له معنيان المقدِّر والموجِد فمن خلق فقد قدّر أو أوجد؛ فقدّر سبحانه مرتبة الطبيعة أنه لو كان لها وجود لكان دون النفس فهي وإن لم تكن موجودة العين فهي مشهودة للحقّ ولهذا ميّزها وعيّن مرتبتها وهي للكائنات الطبيعيّة كالأسماء الإلهية تُعلم وتُعقل وتظهر آثارها ولا تُجهل ولا عين لها جملة واحدة من خارج، كذلك الطبيعة تعطي ما في قوّتها منالصور الحسّيّة المضافة إليها الوجودية ولا وجود لها من خارج فما أعجب مرتبتها وما أعلىأثرها فهي ذات معقولة مجموع أربع حقائق يسمى أثر هذه الأربع في الأجسام المخلوقة الطبيعية حرارة ويبوسة وبرودة ورطوبة.[35] وسوف نجد في بداية الفصل التالي أنّ ابن العربي يقارن بين مرتبة الطبيعة والزمن ويقول إنّ كلاهما ليس له وجود فعلي رغم أنّ وجودهما سارٍ في كلّ شيء.

 


الشكل 1: مراتب الملائكة المهيَّمة والعقل الأوّل والنفس الكليّة ومرتبة الطبيعة والهيولى الكلّ.[36]

ثم يقول الشيخ محي الدين أنه لما تجلى الله تعالى للعقل الأوّل هذا التجلي العلمي (من اسمه العليم) رأى العقلُ نفسَه مكوّناً من نفسه ومن قدرته على الإدراك، فرأى لنفسه ظلاًّ بسبب نور التجلي فكان ذلك الظلّ نفسه التي أصبحت تُدعى النَّفْسَ الكلّيّة أو النفس الأولى، وكذلك تُدعى اللوح المحفوظ لأنه سيكتبُ فيها ما يريد الله تعالى أن يخلقه إلى يوم القيامة؛ وبالتالي فإنّ العالَم يظهر من خلال الكتابة المستمرةمن قِبل العقل الأوّل في هذا اللوح المحفوظ، ولذلك فإنّ العالَم هو كلمات الله التي لا تنفدوالتي تظهر في النفس الكلية بواسطة هذا القلم الأعلى.

وبحسب ما يوضّح الشيخ محي الدين في الباب 371 فإن العالَم ظهر في النفس الكلية من خلال ما يسمّى بالنكاح المعنوي أو الروحاني، حيث يعدّ ابن العربي أنّ كُلّ شيءٍ يحدثُ عن سببٍ معيّنٍ هو "ابنُ" هذا السبب الذي يُعدُّ "أبوه"، و"أمُّه" هي الجسمُ أو الشيء الذي حدث أو ظهر فيه هذا الابن. فكما أنّنا كلّنا أبناء آدم وحوّاء بالجسم فكُلّ الأشياء في العالم هي أبناء العقل الأوّل والنفس الكلية بالروح.

وكما قال الله تعالى عن أبينا آدم عليه السلام وأمّنا حوّاء رضي الله عنها في سورة النساء: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)﴾، فكذلك ينطبق هذا الكلام على العقل الأوّل والنفس الكلّيّة، الذَيْن بثَّ الله منهما كلّ الأشياء في الوجود ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا (52)﴾ [الأحزاب].

والنفس الكلية، كما هو موضّح في الشكل 2، لها قوتان: قوة علمية تُدرِكُ بها المعرفة، وقوة عملية تحفظ بها وجودها من خلال الحركة. وهاتان القوتان هما المسؤولتان عن إدراك الزّمن كما ذكرنا في المقدمة وكما سنشرح ذلك بمزيد من التفصيل في الفصل الثاني والرابع.

 

 


الشكل 2: الهيولى الكلّ وما تحويه من الجسم الكل والعرش والكرسي.[37]

إنّ أوّل ما نتج عن النفس الكلية من الأبناء توأمان هما الطبيعة والهباء،[38] ثم تعاقبالخلق حتى وصل إلى عالَم العناصر. وأنتجت النفس الكلية الطبيعة أوّلاً وبعد ذلك الهباءاللذان بدورهما أنتجا ابنهما الأوّل الذي يُدعى الجسم الكل الذي نشأ عنه أو فيه العالَم المادي، وما قبله كان وجوداً روحياً فقط.

فأوّل شيء تشكّل في (أو عن، أي بواسطة)[39] الجسم الكلي كان "العرش" الذي استوى عليه الله سبحانه وتعالى من اسمه الرَّحمن، كما ورد في الآيات الكريمة في سورة طه: ﴿الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ (5)﴾، وهذا يعني أنّ الرحمة ستشمل كُلّ المخلوقات التي تحت العرش الذي ظهر فيه العالم كما هو موضح في الشكل أعلاه.

بعد ذلك ظهر الكرسي داخل (أو تحت) العرش، وهو بالنسبة إلى العرش كحلقة ملقاة في فلاة. وفي قلب الكرسي ظهر الفلك الأطلس الذي سيظهر فيه فلك البروج الاثني عشر، ثم فلك الكواكب الثابتة بما فيها الشمس والكواكب التابعة لها كما هو موضّح في الشكل 3 أدناه؛ والمقصود بالكواكب هنا النجوم.

إنّ الفلك الأطلس سمي كذلك لأنه لا يحتوي على أي نجم أو إشارة تدل على تمايز أجزائه، فهو مُتجانسٌ في كُلّ الاتجاهات؛ فلما ظهرت البروج في داخله قُسم هذا الفلك إلى اثني عشر جزءً بشكل اصطلاحي حسب البروج التي هي عبارة عن تجمعات من النجوم لا تتميّز عن النجوم التي ليست ببروج سوى بالاصطلاح حسب التقليد المتبع تاريخيا.[40] وبين فلك البروج والفلك المكوكب هناك فضاء واسع خلق الله فيه الجنّة على مراتبها المختلفة كما هو موضّح في الشكل 3 أدناه.

وخلق الله تعالى تحت الجنان السبع فلك النجوم الثابتة (ظاهريا[41]) وهو يحوي منازل القمر الثمانية والعشرين. كذلك فإنّ تقسيم فلك الكواكب الثابتة إلى ثمانية وعشرين منـزلاً للقمر هو تقسيم تقليدي واصطلاحي للدلالة على مكان القمر في السماء، وليس هناك أيّ فرق بين النجوم التي هي منازل والنجوم التي ليست منازل.[42]

 


الشكل 3: الكرسي وما يحويه من الأفلاك مثل فلك البروج والجنان وفلك المنازل.[43]

ثم خلق الله داخل هذا الفلك السموات السبع التي هي أفلاك الكواكب الخمسة التابعة للشمس مع الشمس والقمر، ثم الأرض، كما هو موضّح في الشكل 4. فالأرض مع هذه السموات السبع هي بالنسبة إلى الكرسي كحلقة ملقاة بفلاة، كما ورد أيضا في الحديث.[44]

ووفقاً لهذا المخطط وتعليقات ابن العربي عليه، فمن الواضح أنّه كان مدركاً للمسافات الكبيرة بين المجرات والتي لم تكتشف إلاّ في بداية القرن الماضي، لأن فلك المنازل يقع في مجرتنا بينما فلك البروج هو مجموعات من المجرّات البعيدة. ولكن نُلاحظ هنا بأنّ ابن العربي، مثل بقيّة العلماء الأقدمين، يدعو الشمس كوكباً وكذلك القمر وبقية النجوم، فهو في كثيرٍ من الأحيان يُطلق كلمة كوكب على كلّ جسم مضيء في السماء، ولكن في نفس الوقت يُميّزُ بشكلٍ واضحٍ بين طبيعة الكواكب من جهة والشمس والنجوم من جهة أخرى. فهو يلاحظ أن الشمس وحدها هي المسؤولة عن إضاءة الكواكب الأخرى التي فوقها والتي تحتها،[45] وكذلك يقول إنّ النجوم هي أيضاً مثل الشمس من حيث إنّها تبعث ضوءها الخاص،[46] وهو الأمر الذي لم يُعرف إلا منذ زمن قريب.

 


الشكل 4: فلك المنازل وما يحويه من السموات والأرض.[47]

فيكون الترتيب الزّماني لخلق العالَم، كما يذكره ابن العربي في الباب 371 من الفتوحات المكية، هو الحقيقة الكلّية وهي حقيقة الحقائق، ثم خلق منها النور المحمّدي أو الحقيقة المحمّديّة وهي العقل الأوّل كواحد من بين الأرواح المهيَّمة، ثم خلق الله من ظلّ هذا العقل الأول الذي ظهر له بسبب تجلّي اسمه النّور مخلوقاً آخر هو النفس الكلّيّة وهي اللوح المحفوظ وأمر الله القلمَ أن يكتب فيها ما علّمه الله من كلّ ما سيخلقه إلى يوم القيامة. وخلق الله لهذه النفس القوتين العلميّة التي بها تدرك المعرفة والعمليّة التي تحفظ بها وجودها عن طريق الحركة وطلب الغذاء. ثمّ خلق سبحانه تحت النفس العناصر الأولى وهي الحرارة والرطوبة والبرودة واليبوسة وهي مرتبة الطبيعة وليست الطبيعة ذاتها. ثم خلق الله الهيولى الكلّ وهو الهباء الذي ستظهر فيه صور الأجسام الطبيعية؛ فأوّل ما ظهر فيه هو الجسم الكل الذي خلق الله منه أو فيه العرش ومقرّه وهو الماء الجامد والهواء والظلمة ثم ملائكته، ثم خلق الله الكرسي داخل العرش كحلقة ملقاة في فلاة ثم ملائكته، ثم الفلك الأطلس ثم ملائكته، ثم فلك المنازل ثم الجنّات بما فيها ثم ما يختص بها وبهذا الفلك من الكواكب ثم الأرض ثم الماء ثم الهواء العنصري ثم النار ثم الدخان وفتق فيه سبع سماوات وهي سماء القمر وسماء الكاتب وهو عطارد وسماء الزهرة وسماء الشمس وسماء الأحمر وهو المريخ وسماء المشتري وسماء المقاتل وهو زحل ثم أفلاكها المخلوقين منها ثم ملائكة الماء والنار والهواء والأرض ثم المولّدات المعدن والنبات والحيوان، ثم نشأة جسد الإنسان ثم ما ظهر من أشخاص كل نوع من الحيوان والنبات والمعدن ثم الصور المخلوقات من أعمال المكلَّفين وهي آخر نوع خلقه الله تعالى. فهذا هو ترتيب العالَم من حيث الزّمان كما خلقه الله تعالى.

وأما ترتيبه من حيث المكان الوجودي أو المتوهَّم، فالمكان المتوهَّم للمعقولات أو الأرواح التي ذكرناها إلى الجسم الكلّ ثم العرش ثم الكرسي ثم الفلك الأطلس ثم الفلك المكوكب ثم الجنات وأعلاها جنّة عدن ثم الفردوس ثم النعيم ثم المأوى ثم الخلد ثم دار سلام ثم دار المقامة ثم سماء زحل ثم سماء المشتري ثم سماء المريخ ثم سماء الشمس ثم سماء الزهرة ثم سماء الكاتب ثم سماء القمر ثم الأثير ثم الهواء ثم الماء ثم الأرض.

ثمّ يتابع ابن العربي الكلام بالتفصيل (في الباب 371 من الفتوحات المكية) على مراتب الجنان وجهنم والعالَم الآخَر مما هو خارج موضوع هذا الكتاب، فليُراجع هناك لمن يريد المزيد.

إن القراءة السريعة لنصوص ابن العربي حول العالَم قد تكشفُ نفس النموذج الأرسطوطاليسي التقليدي (أن الأرض هي مركز العالَم)، حيث يتحدّثُ عن سبعة سموات حول أو فوق الأرض، ويدور في كُلٍّ منها كوكب من الكواكب بما في ذلك الشمس والقمر. ولكنّ ابن العربي يُشدّدُ في العديد من المواضع[48] أنّ هذه هي فقط وجهة النظر الظاهرة لشخص يجلسُ على الأرض، ولكنّ الأمر على ما هو عليه في الحقيقة مختلفٌ عن ذلك. فهو يُشدّدُ على الموقع المركزي للشمس الذي يعدّه في قلب (أي مركز) السماوات السبع،[49] وهو يُؤكّدُ تفوّق الشمس على الكواكب الأخرى التي هي أعلى منها بالنسبة لنا كوننا على الأرض فيقول إنّ هذه الكواكب التي هي أعلى منها في المكان لا تزال أدنى منها في المكانة.[50]

من جهة أخرى نحن لا نستطيعُ فصل العالَم المادي عن العالَم المُجرّد أو الروحاني، لذلك يخلط ابن العربي بينهما أحياناً فنراه يرسم على سبيل المثال عموداً للإشارة إلى الإنسان الكامل وهو العقل الأوّل وكذلك الجوهر الفرد، الذي يعدّ على أكمل صورة إلهيّة في الكون، وبالتالي فهو العمد الذي يستند عليه العالَم. ومن جهة أخرى نراه أيضاً يرسم السماوات السبع كما لو أنها مستندة على الطبقات السبع للأرض، ولكنّ ابن العربي لا يعدّ أنّ تلك هي الصورة الطبيعية الفعلية للأشياء، لأنّه يُصرّحُ بشكل واضح كما رأينا بأنّ الأرض كروية وبأنّها تدُورُ حول مركزها.[51]


[23] لمعرفة بعض التفاصيل عن سيرة الشيخ محي الدين ابن العربي ومذهبه يمكن مراجعة كتاب شمس المغرب الذي طبعناه مؤخّراً (شمس المغرب: سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه، تأليف د. محمد علي حاج يوسف، دار فصّلت، حلب، 2006).

[24] الفتوحات المكية: ج3ة 548.28، ج2ص441س33.

[25] الحركة الرجعية (Retrograde Motion) تحدث لبعض الكواكب مثل زحل حيث يبدو في بعض الأحيان يتحرّك في السماء من الغرب إلى الشرق وبعد ذلك فجأة يبدأ بالتحرّك من الشرق إلى الغرب. لقد قام بطليموس (Ptolemy) بابتكار حلّ رياضي مقنع لتوضيح هذه الحركة الغريبة حيث فرض أنّ الكواكب تتحرّك حول نقطة افتراضية في مداراتها في نفس الوقت الذي تتحرّك فيه حول الأرض. وبالرغم من أن هذه الافتراضات كانت خاطئة تماماً إلاّ أنّها صحيحة من الناحية الرياضيّة وأقنعت العلماء والفلاسفة لأكثر من 1400 سنة حتى جاء كوبرنيكوس (Copernicus) وقدّم النموذج الشمسي كما ذكرنا أعلاه.

[26] الفتوحات المكية: ج2ص443س24، ج3ص203س21.

[27] الفتوحات المكية: ج1ص123س17، ج2ص441س33، ج3ص548س21.

[28] انظر في:

William C. Chittick,The Self-Disclosure of God: Principles of Ibn al-'Arabi's Cosmology(Albany: State University of New York, December 1, 1997).

[29] انظر في:

William C. Chittick,Ibn al-'Arabi's Metaphysics of Imagination: the Sufi Path of Knowledge(Albany: State University of New York, 1989), pp. 77-144.

[30] انظر في:

Henry Corbin,Alone with the Alone: Creative Imagination in the Sufism of Ibn ‘Arabî, trans. Ralph Manheim (New Jersey: Princeton University, 1969), Chapter III, p. 184.

[31] الفتوحات المكية: ج3ص416-448، ج2ص390-478.

[32] هذا الحديث القدسي "كنت كنزاً مخفياً..." مشهور بين الصوفية ولكنّه لا يوجد في مراجع الحديث المعروفة. قال ابن تيمية: ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعرف له سند صحيح ولا ضعيف‏، وتبعه الزركشي والحافظ ابن حجر في اللآلئ والسيوطي وغيرهم‏. وابن العربي يستشهد به كثيراً في كتبه وخاصة في الفتوحات المكيّة: ج2ص112س20، ج2ص232س11، ج2ص310س20، ج2ص322س29، ج2ص330س21، ج2ص339س30، ج3ص267س10، ج4ص428س7. راجع أيضاً كتاب شمس المغرب: ص89-91.

[33] كنز العمّال: حديث رقم 11865، 29851. وانظر أيضاً في الفتوحات المكّيّة: ج1ص148س17، ج1ص215س33، ج2ص62س36، ج2ص150س21، ج2ص310س3، ج2ص391س28، ج3ص304س5، ج3ص506س5.

[34] ‏تحفة الأحوذي، للمباركفوري، كتاب القدر، الحديث رقم: 2182. وانظر أيضاً في كنز العمّال: حديث رقم 597، 4482، 15116، 15117، 15220، 15223، 15224.

[35] الفتوحات المكيّة: ج2ص430س8.

[36] انظر في الشكل الأصلي الذي وضعه ابن العربي في الباب 371 من الفتوحات المكيّة: ج3ص421.

[37] انظر الشكل الأصلي الذي وضعه ابن العربي في الباب 371 من الفتوحات المكيّة: ج3ص422.

[38] الفتوحات المكية: ج1ص140س14.

[39] كما في الشكل رقم 2 أعلاه فإنّ الجسم الكل يبدو أنّه يحوي كلّ شيء تحته بما في ذلك البروج (أي النجوم والمجرات). ولكن يمكن أيضاً القول بدلاً عن ذلك أنّ هذا العالم الطبيعي قد تشكّل من قبل هذا الجسم الكل وليس فيه. فكما هو الأمر بالنسبة للعقل الأوّل والنفس الكلّيّة يمك أيضاً أن نسمّي هذا الجسم بالجسم الأول لأنه أوّل الأجسام المخلوقة من قبل الجوهر الفرد كما سنرى في الفصل السادس.

[40] الفتوحات المكية: ج3ص37س27.

[41] الفتوحات المكية: ج2ص441س33.

[42] الفتوحات المكية: ج3ص436س30.

[43] انظر في الشكل الأصلي الذي وضعه ابن العربي في الباب 371 من الفتوحات المكيّة: ج3ص423.

[44] كنز العمّال: حديث رقم 44158.

[45] الفتوحات المكية: ج2ص170س22.

[46] الفتوحات المكية: ج1ص217س18.

[47] انظر في الشكل الأصلي الذي وضعه ابن العربي في الباب 371 من الفتوحات المكيّة: ج3ص424.

[48] الفتوحات المكية: ج3ص548س21، ج1ص123س17، ج2ص441س33.

[49] الفتوحات المكية: ج3ص548س31.

[50] الفتوحات المكية: ج3ص441س33.

[51] الفتوحات المكية: ج1ص123س17، ج2ص677س21.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب


Other Pages Related to Search Keywords:

  • ... Single Monad Model =>:

  • ... المكية: ج3ص548س31. [50] الفتوحات المكية: ج3ص441س33. [51] الفتوحات المكية: ج1ص123س17، ج2ص677س21.     البحث في نص الكتاب ...


  • ... Duality Of Time =>:

  • ... المكية: ج3ص548س31. [50] الفتوحات المكية: ج3ص441س33. [51] الفتوحات المكية: ج1ص123س17، ج2ص677س21.     البحث في نص الكتاب ...


  • ... Ultimate Symmetry =>:

  • ... المكية: ج3ص548س31. [50] الفتوحات المكية: ج3ص441س33. [51] الفتوحات المكية: ج1ص123س17، ج2ص677س21.     البحث في نص الكتاب ...


  • ... Cosmology =>:

  • ... 1. [27] الفتوحات المكية: ج1ص123س17، ج2ص441س33، ج3ص548س21. [28] انظر في: William C. Chittick, The Self-Disclosure of God: Principles of Ibn al-'Arabi's Cosmology (Albany: State University of New York, December 1, 1997). [29] انظر في: William C. C ...


  • ... Space-time =>:

  • ... المكية: ج3ص548س31. [50] الفتوحات المكية: ج3ص441س33. [51] الفتوحات المكية: ج1ص123س17، ج2ص677س21.     البحث في نص الكتاب ...


  • ... Spacetime =>:

  • ... المكية: ج3ص548س31. [50] الفتوحات المكية: ج3ص441س33. [51] الفتوحات المكية: ج1ص123س17، ج2ص677س21.     البحث في نص الكتاب ...


  • ... Speed Of Light =>:

  • ... المكية: ج3ص548س31. [50] الفتوحات المكية: ج3ص441س33. [51] الفتوحات المكية: ج1ص123س17، ج2ص677س21.     البحث في نص الكتاب ...


  • ... Supersymmetry =>:

  • ... المكية: ج3ص548س31. [50] الفتوحات المكية: ج3ص441س33. [51] الفتوحات المكية: ج1ص123س17، ج2ص677س21.     البحث في نص الكتاب ...


  • ... Islamic Cosmology =>:

  • ... المكية: ج3ص548س31. [50] الفتوحات المكية: ج3ص441س33. [51] الفتوحات المكية: ج1ص123س17، ج2ص677س21.     البحث في نص الكتاب ...


  • ... Ibn Al-arabi =>:

  • ... المكية: ج3ص548س31. [50] الفتوحات المكية: ج3ص441س33. [51] الفتوحات المكية: ج1ص123س17، ج2ص677س21.     البحث في نص الكتاب ...


  • ... Mohamed Haj Yousef =>:

  • ... المكية: ج3ص548س31. [50] الفتوحات المكية: ج3ص441س33. [51] الفتوحات المكية: ج1ص123س17، ج2ص677س21.     البحث في نص الكتاب ...


  • ... Complex Time =>:

  • ... المكية: ج3ص548س31. [50] الفتوحات المكية: ج3ص441س33. [51] الفتوحات المكية: ج1ص123س17، ج2ص677س21.     البحث في نص الكتاب ...


  • ... Imaginary Time =>:

  • ... المكية: ج3ص548س31. [50] الفتوحات المكية: ج3ص441س33. [51] الفتوحات المكية: ج1ص123س17، ج2ص677س21.     البحث في نص الكتاب ...


Welcome to the Single Monad Model of the Cosmos and Duality of Time Theory
Forgot Password? - [Register]

Message from the Author:

I have no doubt that this is the most significant discovery in the history of mathematics, physics and philosophy, ever!

By revealing the mystery of the connection between discreteness and contintuity, this novel understanding of the complex (time-time) geometry, will cause a paradigm shift in our knowledge of the fundamental nature of the cosmos and its corporeal and incorporeal structures.

Enjoy reading...

Mohamed Haj Yousef


Check this detailed video presentation on "Deriving the Principles of Special, General and Quantum Relativity Based on the Single Monad Model Cosmos and Duality of Time Theory".

Download the Book "DOT: The Duality of Time Postulate and Its Consequences on General Relativity and Quantum Mechanics" or: READ ONLINE .....>>>>



Subsribe to Newsletter:


As a result of the original divine manifestation, all kinds of motions are driven by Love and Passion. Who could possibly not instantly fall in love with this perfect and most beautiful harmony! Beauty is desirable for its own essence, and if the Exalted (Real) did not manifest in the form of beauty, the World would not have appeared out into existence.
paraphrased from: Ibn al-Arabi [The Meccan Revelations: II.677.12 - trsn. Mohamed Haj Yousef]
quote