أنواع الشؤون

الآن في كلّ يوم من أيّام الشأن الأصلية السبعة هذه والتي تتوالج مع الأيّام المشهودة كما وضّحنا أعلاه، نقول في كلّ يوم منها هناك شأن واحدٌ مميّزٌ لها بحسب الصفة الإلهية التي توجّهت عليها وكذلك بحسب تأثير الأسماء الإلهية والأرواح التي وكّلها الله تعالى بها كما وضّحنا في الفصل الثالث.

فيوضّح ابن العربي أنّ الله تعالى يُلهم النفْس الكلّيّة بشكل دائم للتصرّف في الأفلاك في كلّ يوم من الأيّام الأصليّة بشكلٍ معيّنٍ بحيث يؤدّي ذلك لحدوث الحركات والأحداث الأساسية في الكون في كلّ يوم بشكل محدّد بحسب طبيعة هذا اليوم، ولكنّ تأثيرات هذه الحركات المركّبة والمعقّدة للأفلاك السماوية ستكون مختلفة بحسب قابليّة وخصائص أعيان المخلوقات المختلفة.[418] فعلى سبيل المثال، عندما يلهم الله تعالى النفس الكلّيّة لتحريك عنصر النار لكي تسخّن العالَم، فإنّ تأثيرات هذا الشأن الواحد ستعتمد كثيراً على المخلوقات الفرديّة بحيث يحترق من هو قابل للاحتراق ويسخن من هو قابل للتسخين، وهكذا.[419] فالشأن بالنَّظر إلى الحقتعالى واحدٌ منه وبالنَّظر إلى قوابل العالَم كله شؤون لولا الوجود حصرها لقلنا إنها لا نهايةلها. فانظر الحكم الواحد من الحاكم كيف تعدّد وعظم بحيث لا يمكن أن يحصره عدد من حيث العالَم وإنما يحصيه من أحاط بكلّ شيء علماً وأحصى كل شيء عدداً.[420] ولقد خصّصنا الفصل الخامس لمحاولة الربط بين هذه الكثرة المشهودة وحقيقة الوحدة فيما يعرف بوحدة الوجود.

فيوضّح ابن العربي في كتاب أيّام الشأن الأنواع المختلفة للأحداث التي ترتبط بكلّ يومٍ من الأيّام السبعة الأصلية، رغم أنّ هناك بعض الأمور الغامضة التي لا نستطيع تفسيرها وفق ما يتوفّر لدينا من بيانات ووفق ما تعرّفنا عليه حول مفهوم الزّمن عن ابن العربي حتى الآن، ولكنّني أذكرها هنا للفائدة واستكمال البيانات وهي في الحقيقة تحتاج إلى بحث آخر مستقل.

فالجدول التالي يلخّص هذه الأحداث موزّعة حسب الأيّام وكذلك مساهمات كل سماء من السموات السبع.

الجدول 4: تأثير النفس الكلّيّة على العالَم في كلّ يوم من الأيّام السبعة الأصلية ونسبة المساهمة من السماوات السبع. وقد أخذنا هذه البيانات من كتاب أيّام الشأن ص11-16.

ومن الواضح حسب هذا الجدول أعلاه أنّ المساهمات تنقسم إلى أربعة أقسام ربما بسبب العناصر الأربعة الطبيعيّة (النار، الهواء، الماء، التراب). ولقد وضعنا إشارة (-/-) عندما تكون البيانات غير متوفّرة في النصّ الذي اعتمدنا عليه. نلاحظ أيضاً أنّ ابن العربي لا يعطي بيانات واضحة عن يوم الأربعاء لكنّه يقول ببساطة (في الصفحة 14) إنّ الله تعالى أمر السموات لمساعدة النفْس كلٌّ حسب قوّتها. وكذلك تشير الإشارة ↓ إلى أنّ المساهمة تكون فقط أثناء الهبوط. على كلّ حال بعض هذه البيانات غير مكتملة أو ليست مؤكّدة، وذلك بسبب غموض النص الأصلي، وكما قلنا ذلك ربما يحتاج إلى بحث متخصص ليس هذا موضعه.

ونشير هنا إلى أنّ بابلو بينيتو وستيفن هرتنشتاين اللذان قاما بترجمة أوراد أيّام الأسبوع ولياليه لابن العربي قد قاما أيضاً بإضافة ملحق فيه دراسة عن هذه البيانات من كتاب أيّام الشأن، حيث وجدوا أنّ عدد المساهمة لكلّ الأيام السبعة من كلّ السماوات السبع يجب أن تكون 24 مثل عدد ساعات اليوم. وبالتالي يمكن استكمال بعض البيانات الناقصة بناءً على ذلك.[421]

[419] كتاب أيّام الشأن: ص6.

[420] الفتوحات المكية: ج2ص82س6.

[421] انظر في:

P. Beneito and S. Hirtenstein,The Seven Days of the Heart, p. 157-59.